صدور رواية "باتوالا"

Localisation : دار الكتب الوطنية
Catégorie : صدور كتاب
  • - Le 06/07/2022 à 01:00
صدور رواية "باتوالا" التي ترجمها أحمد الدّرعي (1902-1965) بعد أن أهدانا ورثة الفقيد مخطوط الرواية، وحقّقه الأستاذ عبد الوهاب الدخلي شكرا للعميدة كلثوم مزيو الدرعي وإخوتها على حسن الثقة، وشكرا لسي عبد الوهاب على المساعدة المستمرّة، وشكرا لدار النشر نقوش عربية على التعاون المثمر.يباع الكتاب في المكتبة، مع تخفيض 50 بالمائة للتلاميذ والطلبة.
إليكم التصدير الذي كتبته لهذه الرواية المترجمة
" ملآنة نفسه ببؤس البائسين وأنين المظلومين "
تصدير رجاء بن سلامة
صدف عجيبة أوصلتنا إلى هذا الكتاب الذي بين أيديكم : رجل من المارتنيك اسمه روني ماران (1987-1960)، كان موظّفا صغيرا غير منضبط بالإدارة الاستعماريّة الفرنسيّة، عمل بإفريقيا، وكتب رواية تصف قسوة "البيض" على البشر والحيوانات، وقسوة الحياة على "بتوالا"، زعيم القبيلة الذي هرم ودارت عليه الدّوائر، وتسخر بمرارة من الإرث العنصريّ الذي يعود إلى مونتسكيو نفسه : " إن الحق بجانب منتسكيو الذي يكتب في صحيفة حيث في الفكاهة الأكثر بردا يظهر بغض في خفاء (إنهم سود من الساق إلى الرأس ولهم أنوف فطس بحيث يستحيل أن يرأف بهم الإنسان)." هذه الرّواية، رغم نقدها اللاّذع لمظاهر الظّلم والجبروت في الاستعمار الفرنسيّ، في مقدّمتها وعلى لسان بطلها "بتوالا"، ورغم أنّ مؤلّفها "زنجيّ" ووصفها في عنوانها الفرعيّ بأنّها "رواية زنجيّة حقيقيّة"، تفوز بجائزة القونكور سنة 1921. لا ندري كيف وصلت الرّواية إلى أحمد الدّرعيّ (1902-1965) بتونس، فترجمها، أو بالأحرى تجشّم مصاعب ترجمتها، فهي تنتمي إلى عالم بعيد غريب، هو أدغال إفريقيا الاستوائيّة، ومعجمها الذي يسمّي الحيونات والنّباتات والعادات والأشياء ثريّ وصعب. لا ندري متى ترجمها أحمد الدّرعيّ، لكنّه كتب مسوّدة التّرجمة على أوراق رسميّة معنونة لجريدة الفجر : " الفجر : مجلّة علميّة اجتماعيّة أخلاقيّة إدارتها بنهج انقلترا عدد 25 بتونس" . وتبيّن لنا بعد البحث أنّ "الفجر" ليست الصّحيفة التي صدرت سنة 1931، وأدارها سيمون زانة وكان صاحب امتيازها عبد السّلام فرشيو ، بل هي مجلّة الفجر ، وهي شهريّة أطلقها الحزب الحرّ الدّستوريّ سنة 1921، و"يحرّرها نخبة من علية الكتّاب" . ما علاقة الدّرعيّ بهذه المجلّة، وهل كان من محرّريها؟ للأسف لم نجد المجموعة في أرصدة المكتبة الوطنيّة لنتثبّت من الأمر. ما يمكن أن نؤكّده، في انتظار المزيد من الأبحاث المتخصّصة، هو أنّ الدّرعيّ ترجم الرّواية انطلاقا من طبعتها الأولى التي صدرت سنة 1921، وتضمّنت 12 فصلا، خلافا لطبعة سنة 1938 التي أضيف إليها فصل ثالث عشر. توفّي أحمد الدّرعيّ سنة 1965 وبقيت مسوّدة ترجمته حبيسة الأدراج أو صناديق الأرشيف. أصدر المجمع التّونسيّ للعلوم والآداب والفنون، بيت الحكمة، الأعمال الكاملة للدّرعي في مجلّدين ضخمين، خاليين من التّرجمة سنة 2017. تبرّعت أسرة الدّرعيّ بمخطوطات والدهم لدار الكتب الوطنيّة في آخر سنة 2020، فوقفنا على نصّ التّرجمة الذي أشكل علينا أمره في البداية، وانتبه الأستاذ عبد الوهّاب الدّخلي إلى حقيقته، فأوكلنا إليه مهمّة تحقيقه، فقبل المهمّة الصّعبة مشكورا. كانت المهمّة عسيرة لأنّ المترجم لم يبيّض النّصّ، وترك فراغات كان لا بدّ من ملئها، وإشكالات لا بدّ من توضيحها، تدلّ عليها في النّصّ معقّفات المتن والهامش.
تصبح الغرابة ألفة إِذا ما تامّلنا سيرة أحمد الدّرعيّ. فقد كان مزدوج اللّسان، يراسل الصّحف الفرنسيّة ويترجم النّصوص النقابيّة، وكان مناضلا ضدّ الاستعمار، ونصيرا لفئات متنوّعة من الضّعفاء والمظلومين : العمّال، بنشاطه في جامعة عموم العملة منذ سنة 1924، والنّساء بدفاعه عنهنّ وعن صديقه الطّاهر الحدّاد، والمكفوفين، بتأسيسه جمعيّة المكفوفين التّونسيّين سنة 1956، ونشره مجلّة تهتمّ بقضاياهم، والسّود بترجمته لهذه الرّواية التي تعدّ صيحة فريدة في وجه العنصريّة الاستعماريّة. ولهذا قال عنه الحدّاد عندما قدّم نشاطه النّقابيّ : " ملآنة نفسه ببؤس البائسين وأنين المظلومين، فهو كئيب بكآبتهم ومتألّم بآلامهم..."
امتلاء النّفس بآلام الآخرين ينطبق أيضا على مؤلّف الرّواية، وعلى الطّاهر الحدّاد نفسه، وعلى محقّق الرّواية، النّقابيّ السّابق، عبد الوهّاب الدّخليّ. هذا العمل هو ثمرة هذه الرّفقة الجميلة من نبلاء البشريّة. كتبت هذا التّصدير تحيّة لهم جميعا.
رجاء بن سلامة
المديرة العامّة لدار الكتب الوطنيّة
Chargement des enrichissements...